توجهت السياسة التركية الجديدة نحو معالجة التضخم الاقتصادي الكبير، فمع نهاية عام 2022 أصبحت قضية رفع أسعار الفائدة خطوة ممتازة لإيقاف تراجع الليرة التركية و بذلك تحسين سعر الصرف. بعد ما بدأ التضخم في تركيا بالتراجع حتى بلغت نسبته 39% في نهاية شهر أيار/مايو 2023. من 85% في أكتوبر/تشرين الأول 2022. و هذا بحسب النتائج التقليدية المعتادة لحالة رفع أسعار الفائدة.
أسباب التضخم الاقتصادي في تركيا
انخفضت قيمة العملة المحلية التركية، الأمر الذي أدى إلى انخفاض القيمة الشرائية لها. وبذلك فقد ازداد التضخم من جانب الطلب، ولعل سياسة تخفيض أسعار الفائدة تكون أداة ناجحة مع الوقت. أو تتمكن من تخفيض معدل التضخم. مثل ما هي ضرورة الانتباه إلى حاجة الاقتصاد التركي للتدرج خلال هذه العملية. وبذلك تمنع حدوث حالة مقلقة لدى المدخرين أو المستثمرين بالقطع الأجنبي.
أي أنه مع زيادة التضخم عن طريق الطلب على عنصر ما، يمكن أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار بينما يظل العرض مستقر والكمية منه ثابتة. وقد أظهرت تحليلات البنوك المركزية العالمية وعلى رأسها الفيدرالي الأميركي. أن 60 في المئة من الأسعار المرتفعة ما بين 2019 و2021 كانت بسبب مشاكل ناتجة عن الطلب. أدت لاستمرار حالة الارتفاع المستمرة في التضخم وبالتالي حلول رفع أسعار الفائدة حتى يومنا هذا.
بذلك ومع انخفاض القوة الشرائية للعملة، بسبب ارتفاع الأسعار في جميع القطاعات الاقتصادية في تركيا، يصبح ارتفاع أسعار الفائدة مترافقا مع ارتفاع أسعار السلعات وبقية الخدمات. مثل مؤشر أسعار المستهلكين، التي تشكل المقياس الأكثر شيوعاً. حينها وعندما ترتفع الأسعار الخاصة بالسلع التي يصعب الاستغناء عنها أو استبدالها، مثل الغذاء والوقود. فسوف يستثنيها الاقتصاديون عند النظر إلى للتضخم الجوهري أو الأساسي.
اقرأ المزيد .. معاملات الإقامة العقارية والجنسية التركية
حال سوق العقارات التركي مع رفع أسعار الفائدة
يتألف سوق العقارات التركي من مكونين أساسيين هما، المكون المحلي و المكون الأجنبي. حيث يحتل المكون الأجنبي نسبة قليلة مقارنة بالمالكين المحليين. وبالتالي وبما أن رفع أسعار الفائدة أثر سلباً على مؤشر أسعار العقارات لدى المستهلكين. ما جعل الطلب يتراجع قليلاً في حالات إعادة الشراء أو حتى التأجير.
عندما يصبح كل شيء أكثر تكلفة. فإن ميزانية الأسر تصبح مضغوطة لأنه من المستحيل الاستغناء عن الأساسيات مثل الطعام أو الكهرباء. ولكن مع ارتفاع التكاليف، قد يصبح من الصعب تغطية هذه النفقات. حيث أن كبار السن وذوي الدخل المنخفض هم عادة أول من يشعر بوطأة الأسعار المرتفعة، التي تشق طريقها إلى أعلى سلسلة الدخل وتبدأ في تهديد الشركات أو حتى الصناعات بأكملها.
و قد أظهرت الإحصائيات خلال السنوات الثلاثة الأخيرة أن السوق المحلي الذي يتعامل بالليرة التركية. يتراجع ويتأثر بشكل سلبي بمعدلات أسعار الفائدة التي ترتفع من حين لآخر. في الوقت الذي تحافظ فيه السوق العقارية المستهدفة من قبل المتعاملين بالقطع الأجنبي على استقرارها. غير متأثرة. بل على العكس تماماً؛ فقد قلَت تكاليف عمليات الشراء أو حتى الإيجار عند التعامل بالليرة التركية مقارنة بغيرها من العملات الأجنبية. كما أدى رفع الفائدة إلى انخفاض معدل القروض العقارية. وأتاح الفرصة الكبيرة أمام المستثمر الأجنبي لتحقيقه الأرباح طويلة الأجل في تركيا.
تؤثر القيمة المرتفعة، أو السلبية، أو غير المؤكدة للتضخم سلباً على الاقتصاد، وذلك من عدة نواحي أهمها: التسبب في حالة من عدم الاستقرار في السوق، بالإضافة إلى منع الشركات من اتخاذ قرارات استثمارية كبيرة، كما قد يسبب البطالة، ويعزز من اكتناز الناس للبضائع والسلع الضرورية، وقد تؤدي هذه الممارسة إلى زيادة في الأسعار وعدم حدوث توازن في التجارة الدولية، والتأثير على أسعار صرف العملات الأجنبي.
استقرار سوق العقارات في ظل ارتفاع أسعار الفائدة في تركيا
يواجه صانعو السياسة والاقتصاد مشاكل كثيرة خلال معالجة التضخم الحاصل؛ مثل قضايا العرض والطلب. و من أهم أدوات مواجهة التضخم الثقة المتبادلة بين أفراد المجتمع والحكومة. باعتبارها تسعى لتحقيق مصالحهم. من خلال تحويل الليرة التركية الى قطع أجنبي أو معدن ثمين أو ادخارها بالشكل المطلوب. و على ضوء ذلك اقترح المحللون وكذلك الباحثون الاقتصاديون مجموعة من الحلول. التي قد تساهم في الحفاظ على استقرار سوق العقارات بعد رفع أسعار الفائدة. مثل:
- تخفيض قيمة اقتراض القطاع الخاص من الخارج.
- التركيز بذلك على التمويل بالمشاركة.
- تشجيع الأفراد على التعامل بعيداً عن العملة الأجنبية أو جعل التعاملات على العملة المحلية حصراً.
اقرأ كذلك .. الاقتصاد التركي هو الأسرع نمواً في مجموعة العشرين
آثار إيجابية لارتفاع أسعار الفائدة في تركيا
يؤثر رفع أسعار الفائدة بشكل إيجابي على المدينين، كونه يوفر لهم فرصة سداد الديون بأموال أقل قيمة. وعلى ضوء ذلك فإن القليل من التغير في السعر يعتبر أمراً جيداً. لكن للأسف فالكثير منه يمكن أن يضر بالأسواق واقتصاد البلاد. فهو أمر جيد حينما يكون معتدلاً. كي لا يتسبب في جعل الحياة صعبة على الكثيرين من ذوي الدخل المحدود. خاصة وأن القراءات لواقع المنطقة تقول، أن التضخم يزداد في حالته العامة سوءاًَ قبل أن نجني ثمار محاسنه.
ومن الجدير بالذكر في خضم هذا السياق. هو أن مبيعات العقارات في تركيا عموماً للمستثمرين الأجانب قد ارتفعت بمقدار ما يقارب 81.5% في الربع الأول من هذا العام. عند مقارنة ذلك بمثل هذه الفترة من العام الفائت. وبذلك فإن طبيعة قضية التضخم، وأسبابها، وتداعياتها السلبية مثل رفع أسعار الفائدة. تحتاج فعلاً التروي للحفاظ على توازن حالة البلاد الاقتصادية. قبل البدء بتخفيض الفائدة أو إيقاف تراجع الليرة التركية. وذلك عن طريق الحلول المقترحة التي يمكن من خلالها مواجهة مثل هذه المشكلة.